الاخبار: هداية محمد التتر
وأكّد مدير عام مجمع الشفاء الطبي، محمد أبو سلمية، أنّه بعد مرور ثلاثة أسابيع على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، لم تشهد المنظومة الصحية أي تحسّن فعلي، مشيراً إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي سمح بإدخال نحو 10% فقط من المستلزمات الطبية والعلاجية.
وقال أبو سلمية، في حديثٍ لموقع «الأخبار»، إنّ «الاحتلال لا يزال يحاصر القطاع ويمنع إدخال المستهلكات الطبية والأدوية إلى المستشفيات، كما أنّ تلك النسبة القليلة لا تحتوي على الاحتياجات الحقيقية من الأجهزة والأدوات الجراحية».
ووصف الوضع الصحي في غزة بأنّه «صعب جدّاً»، موضحاً أنّ الاحتلال دمّر نحو 75% من المنظومة الصحية بشكلٍ ممنهج، وأنّ النقص في الأدوات الطبية وصل إلى 60%، فيما تتجاوز نسبة العجز في المستلزمات الجراحية لتخصصات القلب والعظام والأوعية الدموية وجراحة المخ والأعصاب 90%.
وأضاف أنّ هناك 350 ألف مريض من أصحاب الأمراض المزمنة، و12 ألف مريض سرطان، و700 مريض فشل كلوي يعانون من نقص الأدوية والعلاجات، ما تسبب بوفاة العديد منهم. وطالب أبو سلمية بـ«قوافل طبية مستدامة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح المدنيين».
الخط الأصفر... منطقة موت
وأشار مدير عام مجمع الشفاء إلى أنّ ما يُعرف بـ«الخط الأصفر» أخرج العديد من المستشفيات عن الخدمة، كونها تقع في المنطقة المحظورة على المدنيين والطاقم الطبي، مثل مستشفى الإندونيسي، ومستشفى كمال عدوان، ومستشفى الدرة، ومجمع حيفا الطبي.
وأوضح أنّ هذا الوضع ضاعف الضغط على المستشفيات القليلة المتبقية، وجعلها عاجزة عن تقديم الخدمات الكاملة للمرضى.
ويُعدّ «الخط الأصفر» خطاً عسكرياً وهمياً رسمه جيش الاحتلال داخل القطاع، يقتطع أكثر من 53% من مساحة غزة ويحوّلها إلى منطقة عسكرية مغلقة يُستهدف فيها أي تحرك مدني.
ووفقاً لأبو سلمية، فإنّ الاحتلال «تعمّد تدمير البنية التحتية الصحية والمستشفيات التخصصية، في مسعى لترك المرضى والأطفال للموت البطيء»، مشيراً إلى أنّ مستشفى العيون المركزي ومستشفى الرنتيسي للأطفال تعرّضا للتدمير مجدّداً بعد إعادة ترميمهما.
وأضاف أنّ الخدمات الصحية للأطفال تكاد تكون منعدمة في مدينة غزة، باستثناء مستشفى أصدقاء المريض الذي لا يتضمن سوى عدد محدود جداً من الأسرّة لا يتناسب مع حجم الحاجة، ما أدّى إلى ارتفاع وفيات المواليد خمسة أضعاف عمّا كانت عليه قبل الحرب.
فشل في تطبيق البروتوكول الإنساني
وشدّد أبو سلمية على أنّ الاحتلال لم يلتزم بأيّ من بنود اتفاق وقف إطلاق النار، لا سيما البند المتعلق بالسماح بإدخال المساعدات الطبية من أدوية ومستلزمات جراحية. وقال: «أقدم جيش الاحتلال بالأمس على إطلاق صواريخ باتجاه منازل المواطنين، ما أدّى إلى استشهاد 104 مواطنين وإصابة 300 آخرين خلال 12 ساعة»، مؤكّداً أنّ «العديد من الجرحى فقدوا حياتهم بسبب غياب المستلزمات الطبية التي كان يمكن أن تنقذهم».
كما حذّر من فقدان المزيد من الأرواح في حال استمرار إغلاق المعابر، مشيراً إلى أنّ 17 ألف مريض جاهزون للسفر لتلقي العلاج خارج القطاع، إلاّ أنّ المعابر ما زالت موصدة.
وأضاف: «خسرنا 40% من مرضى الكلى والعشرات من مرضى القلب والسكري، ولدينا الآن 5 آلاف مصاب ببتر، من بينهم ألفا طفل بحاجة إلى أطراف صناعية».
دعوة للمنظمات الدولية
وأشار أبو سلمية إلى أنّ «إدارة المجمع تواصلت مع جميع المؤسسات الدولية، بينها منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وأطباء بلا حدود واليونيسف»، مؤكّداً أنّ تلك الجهات تمتلك آلاف الشاحنات المحمّلة بالمساعدات الطبية العالقة على المعابر، «لكن الاحتلال يمنع إدخالها».
وأضاف: «نطالب الوسطاء وضامني اتفاق وقف إطلاق النار بالضغط على الاحتلال لوقف عدوانه، والسماح بإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية والغذائية، فكل يوم تأخير يعني مزيداً من الضحايا الذين كان بالإمكان إنقاذهم».

